بين الحُلم والحقيقة

بين الحُلم والحقيقة

بين الحُلم والحقيقة

 العراق اليوم -

بين الحُلم والحقيقة

بقلم ـ المهدي الحداد

خرج السلوفيني ألكسندر شيفيرين رئيس "اليويفا" الأسبوع الماضي، بتصريح قوي ومثير يستحق التحليل والنقاش، ويتعلق بموضوع الترشيحات لتنظيم كأس العالم 2026 والدول التي تنوي المنافسة على الرهان، حينما أجاب على سؤال لأحد الصحفيين على هامش زيارته إلى مقر الإتحاد التشيكي لكرة القدم، جاء يستفسره حول من يستطيع تنظيم مونديال بـ 48 منتخبًا، فرد عليه المسؤول الأول عن اللعبة في القارة العجوز: "كأس العالم 2026 سيكون سابقة في التاريخ ومن الصعب جدا إيجاد بلد له القدرة على إحتضان بطولة ستضم 48 منتخبًا، لا أظن أن هناك دولة تتوفر على 12 ملعبًا كبيرًا من المواصفات العالمية بإستثناء دولتين أو ثلاث في أوروبا لا أكثر،أما خارج قارتنا ممكن أن تكون الصين أو الولايات المتحدة الاميركية في خانة الأقوياء ومن لديهم الإمكانيات لتنظيم المونديال، أما في أفريقيا فشيء مستحيل أن ينظم بلد كأس العالم بهذا العدد الضخم من المنتخبات".
تصريح شيفيرين وهو بالمناسبة نائب رئيس "الفيفا" إينفانتينو يؤكد حقيقة واحدة هي أن المهمة أصبحت معقدة للمغرب ورقيًا وميدانيا، لأن أصحاب القرار هم هذا السلوفيني وأمثاله الذين يطبخون في الكواليس أمورًا علينا إستباقها حتى لا نتفاجأ.
لن نكون متشائمين ولن نبيع جلد حظوظنا مبكرًا فقط لأن بعض مسؤولي "الفيفا" بدأوا يصرحون ضدنا ويعلنون نواياهم وينحازون قولاً لبلدان أخرى، لكن علينا أن نكون واقعيين إلى أبعد الحدود ونعترف بأن حلمنا بتنظيم كأس العالم 2026 بات في خطر شديد لأن كابوس 2006 و2010 قد يتكرر، وقد يشهد مجددًا على الرسوب في الإمتحان، لأننا في مواجهة عدة خصوم سرًا وعلنًا، وأمامنا عدة عراقيل بنيوية يراها أصحاب القرار التوابل الرئيسية للنجاح وقبله كسب العطف بعد الإقناع.
في الصيف المقبل سيتقدم المرشحون رسميًا بملفاتهم لإحتضان أكبر تظاهرة كروية كونية، وقبله بأسابيع سيحدد المغرب موقفه الرسمي من أعلى سلطات البلاد، بعد إيجاد الحلفاء والدول التي قد تقتسم مع المملكة الكعكة لتكون ألذ وأكثر إثارة وجاذبية، وقدرة على المنافسة بقوة أكبر على بلوغ الهدف المنشود.
المغرب يدرس بجدية وتفاوض متقدم مع الجارة إسبانيا ترشيحا مشتركا ويسعى لإيجاد بلد ثالث قوي بعدما لم تظهر البرتغال تفاعلا وتجاوبا إيجابيا، وقد شرع في تحركاته يمينا ويسارا للعثور على دولة ثالثة قد تكون في أفريقيا، إلا أن الإفتراضات والتخطيطات شيء والحقيقة والواقع شيء آخر.
من حقنا أن نحلم، من حقنا أن نطمح ونتمنى، لكن علينا أن نفتح أعيننا على واقعنا لنرى أن بلدنا يتطور في مجالات ويتراجع في ميادين أخرى، وأن بناء الملاعب وتشييد الطرق لا يكفي لإقامة المونديال، وإنما يتأسس على ما هو قائم وما هو بصدد الإشتغال عليه من مستشفيات جامعية عملاقة وسلسلة فنادق فخمة ومراكز ترفيهية في جميع التراب الوطني، لأن المغرب ليس مراكش فقط، وأكادير وطنجة وحتى الدار البيضاء والرباط لن تقدر على تغطية الحدث الضخم، أو على الأقل إستقبال ثلث عدد المنتخبات المشاركة بوفودها وإعلامييها وجماهيرها.
بكل وطنية وموضوعية سأشاطر رئيس "اليويفا" الرأي لأقول بدوري إن المغرب من الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا عليه تنظيم كأس العالم 2026 لوحده، وسنغوص جميعا في قعر الأحلام الى حد الغرق في الغباء إن كنا نعتقد أننا سننافس ولو مشاكسة ملف الترشيح الثلاثي المنافس لنا بعظمة والذي ستتقدم به الولايات المتحدة الأميركية برفقة كندا والمكسيك، لكننا سنتفاءل نسبيا وسنحاول مرة أخرى بديبلوماسية جديدة وخطط عقلانية، إن وجدنا خارطة الطريق والتعاون والإتحاد مع دولتين أخريين قويتين، ترفعان حظوظنا لنقنع بالأدلة والبراهين ونحلم برأس مرفوع، دون إنتظار المعجزة والعطف من أولئك الذين لا معجزات ولا عطف لديهم.
حذارِ من الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعنا فيها في السابق، حذار من تصديق إبتسامات وديبلوماسية تصريحات رئيس الفيفا إينفانتينو كما صدقنا وتوهمنا بعد الكلام المعسول لسلفه سيء الذكر بلاتر، حذار من مجاملات بعض الدول الصديقة التي تغدر بنا وتخوننا في اللحظات الحاسمة، حذار من رسائل القلب العاطفية التي تقودنا رأسًا إلى الوهم والهاوية أحيانا، دون أن نأخذ بعين الإعتبار والإستئناس إشارات العقل الذي غالبًا ما يسير بنا نحو الحقيقة والواقع والموضوعية.

 

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الحُلم والحقيقة بين الحُلم والحقيقة



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

الاتحاد «بخروه» من «العين» القاتلة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 21:48 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 18:12 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

شاهدي مجموعة مِن أجمل وأروع حمّامات غرف النوم الماستر

GMT 03:21 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تكشف عن أحدث أعمالها

GMT 11:10 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يفتح أبوابه لـ"علي حسين" ويعِده بمباراة اعتزالية

GMT 14:44 2017 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

اشتباكات بين "درع الأقصى" و"داعش" في مخيم اليرموك

GMT 02:11 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

د.ممدوح غراب يكشف خطة تطوير مستشفى جامعة السويس

GMT 07:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين زفاف ناعمة بدون تطريز لإطلالة مثالية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq