الخطأ الفاحش بين العقوبة والتنبيه

الخطأ الفاحش بين العقوبة والتنبيه

الخطأ الفاحش بين العقوبة والتنبيه

 العراق اليوم -

الخطأ الفاحش بين العقوبة والتنبيه

بقلم - القاضي حيدر علي نوري

 مما لا شك فيه، إن الخطأ الفاحش يختلف في مفهومه عن الخطأ بمعناه العام الوارد في القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل وقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، إذ يختلف في صوره عن صور الخطأ القائمة على الإهمال والرعونة وعدم الاحتياط وعدم الانتباه وعدم مراعاة القوانين والأنظمة.

 فالخطأ الفاحش، لا هو بالخطأ اليسير ولا بالجسيم، وسندنا في ذلك عدم تحقق المسؤولية بنوعيها الجزائية أو المدنية على من ينسب إلية، بخلاف ما يترتب على الخطأ بمفهومه الجنائي والمدني من أثار، ولعل الحكمة في ذلك تكمن بما يتمتع به القاضي من حصانة وضمانة وحماية عند ممارسته لعمله القضائي، ناتجة من مبدأ استقلال  القاضي والقضاء (القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون)، الذي يعد من المبادئ  لدستورية والقانونية، أكد عليه قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل وقانون مجلس القضاء الاعلى رقم 45 لسنة 2017 في صلب أحكامه، إضافة الى أن الحكم الصادر من أي محكمة جزائية أو مدنية قابل للطعن وفقا لأحكام القانون أمام الجهة المختصة بنظر الطعن وعلى رأسها  محكمة التمييز الاتحادية الموقرة، مما يعني إمكانية معالجة ما تضمنه من خطأ،  والخطأ الفاحش بمعناه اللغوي ناتج عن كل أمر لا يكون موافقا للحق والعدل، والفحش ضربا من ضروب الجهل ونقصا للحلم، وعلى أساس ما تقدم فأن الخطأ الفاحش هو حصيلة الجهل بالمبادئ القانونية الأولية سواء أكانت شكلية أم موضوعية، أو نتيجة لإغفال الوقائع وعدم فهمها أو تكيفها التكيف القانوني الصحيح، وهذا ما أكدته المادة (56 / أولاً)من قانون التنظيم القضائي آنف الذكر، وأن الجهة التي تتولى توجيه القاضي إذا ما توافرت مسبباته، جهات الطعن بالأحكام والقرارات (الهيئة التمييزية) كمحكمة التمييز الاتحادية ومحكمة الاستئناف والجنايات بصفتيهما التمييزية، وتحفظ نسخة منه في سجل الأخطاء الفاحشة وفي الاضبارة الشخصية، لأخذه بنظر الاعتبار عند الترقية أو عند تولي أحد المناصب القضائية، ولذا فان الخطأ الفاحش يقترب في مفهومه من التنبيه الذي يتم فرضه (بسبب خطأ قانوني يظهر أثناء التدقيقات التمييزية أو خطأ إداري أو بسبب مخالفات واجبات ومقتضيات الوظيفة) من قبل السيد رئيس مجلس القضاء الاعلى أو من قبل رئيس محكمة التمييز الاتحادية أو رئيس الاستئناف وفقا للتفصيل الوارد ذكره بالمادة (57) من قانون التنظيم القضائي المذكور أنفاً.

كما يقترب الخطأ الفاحش في مفهومه من التوجيه الذي يتولى رئيس هيئة الإشراف القضائي صلاحية توجيه استنادا لأحكام المادة (10) من قانون الإشراف القضائي رقم 29 لسنة 2016، ويكون التنبيه أو التوجيه بكتاب يوجه الى القاضي وتودع نسخة منه في الاضبارة الشخصية، ويترتب على التنبيه أو التوجيه ما يترتب على الخطأ الفاحش من أثار، ويثار التساؤل بشأن التكييف القانوني للخطأ الفاحش والتنبيه والتوجيه فيما إذا كان أي منهما يمثل عقوبة انضباطية من عدمه، وكيفية معالجة الاثار المترتبة على الخطأ الفاحش وهذا ما سنتناوله في العدد القادم.

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطأ الفاحش بين العقوبة والتنبيه الخطأ الفاحش بين العقوبة والتنبيه



GMT 18:54 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

جريمة انتهاك حرمة المسكن في القانون العراقي

GMT 20:50 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 10:35 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 09:10 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 10:58 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

وذهب.. سوار الذهب!!

GMT 12:24 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"عقار جودة" وتسريب الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنين

GMT 12:26 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لوكاس دين يتحدى محمد صلاح قبل موقعة "ديربي الميرسيسايد"

GMT 15:33 2018 الخميس ,17 أيار / مايو

472 مليون درهم قيمة تصرفات عقارات دبي الخميس

GMT 21:03 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يرفض احتجاج الاتفاق ضد الحكم ستيفان لوب

GMT 07:27 2021 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

أبرز إطلالات كيت ميدلتون المستوحاة من الأميرة ديانا

GMT 06:43 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

رؤساء من أصل عربي حكموا في أميركا اللاتينية

GMT 13:06 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المهارات الحياتية وسعادتنا

GMT 20:40 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان حسن الفذ يستعد لعرضه الجديد "شكون هو كبور؟"

GMT 15:54 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تستقبل نحو 443 نوعًا من الطيور سنويا

GMT 19:20 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

"البطريق" مخلص لزوجته وحالات "الطلاق" لا تتعدى 25%
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq