رواية العطر  قصة قاتل لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

"رواية العطر - قصة قاتل" لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - "رواية العطر - قصة قاتل" لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال

بيروت - غيث حمّور

في القرن الثامن عشر عاش في فرنسا رجل ينتمي إلى أكثر كائنات تلك الحقبة نبوغًا وشناعة، وهي حقبة لم تكن تفتقر إلى أمثال هذه الكائنات، وقصة هذا الرجل هي ما سنرويه هنا، كان اسمه جان باتيست غرنوي، وإذا كان اسمُه اليوم قد طواه النسيان -على نقيض أسماء نوابغ أوغاد آخرين، مثل دوساد، سان جوست، فوشيه، أو بونابرت وغيرهم، فذلك بالتأكيد ليس نتيجة أن غرنوي بمقارنته بهؤلاء الرجال المريبين الأكثر شهرة يقل عنهم تعاليًا واحتقارًا للبشر ولا أخلاقيةً، باختصارٍ: كُفرًا- وإنما لأن عبقريته وطموحه انحصرا في ميدان لا يخلف وراءَه أثرًا في التاريخ، أي في ملكوت الروائح الزائل. بهذه الكلمات بدأ الكاتب الألماني باتريك زوسكيند روايته "العطر" (قصة قاتل) هذه الرواية المشوقة التي لا يمكن لقارئ ما تركها من دون أن يتمها، أو نسيانها، كونها تحوي خصائص سردية مثيرة، حيث عاد بها مؤلفها إلى تاريخ 17-7-1738، يوم مولد بطلها صاحب الأنف الأسطوري (جان باتيست غرنوي) في مزبلة نتنة، من أزقة باريس الخلفية، (في أكثر أماكن المملكة بأسرها زخمًا بالروائح). قصة غرنوي تبدأ منذ ولادته بلا رائحة، وتتابع بقاتل متسلسل للعذراوات، يبحث عن سر الحياة الأبدية بصناعته لعطر من روائحهن (أنا الوحيد الذي أدرك مدى جماله الحقيقي، لأنني أنا من أبدعه)، وتنتهي بسكبه عطره الثمين على نفسه، ليمتلئ بالجمال فجأة كنارٍ متأججة. يرونه كملاك، ويهجمون عليه، ويرمونه أرضًا، ويمزقونه قطعًا صغيرة، يأكلونه حتى يختفي أثره تمامًا..! (كانوا فخورين إلى أقصى حد، فللمرة الأولى في حياتهم فعلوا شيئًا عن حب). وتُعد رواية "العطر" من أروع الروايات التي قُدمت في الأدب السردي, فهي ليست رواية عادية بل رواية خرافية عن واقع ملموس. قادها زوسكيند من خرافيتها إلى برّ الواقعية بحنكة واتقان، لم يفلت منه زمام الحبكة أبداً من بدايتها إلى نهايتها. وعلى الرغم من السرد التاريخي المرافق والذي استغله زوسكيند بطريقة خلابة جعلت من قارئها يتعاطف مع أبشع شخصية عُرفت على وجه الأرض باعترافه، بل تعدت ذلك لتسلب الألباب وتستأثر بالمشاعر من دون حساب، عبر أجوائها الحسية والنفسية والروحية، ولغتها الأقرب إلى روح الشعر. ويُشار إلى أن الرواية العطر صدرت سنة 1985 عن دار النشر السويسرية (Diogenes Verlag AG). عنوان الرواية الأصلي بالألمانية ( Das Parfum, die Geschichte eines Mörders) هو "العطر، قصة قاتل"، تُعتبر هذه الرواية من أكبر النجاحات الاصدارية التي ميزت الأدب المعاصر، حيث تمت ترجمتها لأكثر من 45 لغة، وبيعت منها أكثر من 15 مليون نسخة عبر العالم، رغم كونها أول الإبداعات الروائية لمؤلفها باتريك زوسكيند. وامتد نجاح الرواية إلى الشاشة الكبرى، عبْر فيلم يجسد أحداث الرواية من إخراج الألماني توم تيكوير، ورُشِّح الفيلم إلى 25 جائزة حصد منها 12. باتريك زوسكيند، مولود في 26-3-1949 في بلدة إمباخ على بحيرة شتارنبرغ الواقعة على سفوح جبال الألب، درس التاريخ في جامعة ميونخ بين 1968و1974، وكتب عددًا من القصص والسيناريوهات السينمائية، بدأت شهرته سنة 1981 بمسرحية مونودراما من فصل واحد بعنوان "عازف الكونتراباس"، حيث قدمتها معظم المسارح الألمانية والأوروبية. ويذكر أن رواية "العطر" اعتبرها الكثير من النقاد نقطة تحول مهمة في حياته، كما حولت السيناريست (المخرج) والكاتب المسرحي الألماني المغمور باتريك زوسكيند إلى أحد أشهر الروائيين في العالم، إذ طُبع منها أكثر من مليونَي نسخة بلغات مختلفة، وحصل بسببها على جائزة غوتنبرج لصالون الكتاب الفرانكفوني السابع في باريس العام 1987، وله أيضًا رواية بعنوان الحمامة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية العطر  قصة قاتل لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال رواية العطر  قصة قاتل لباتريك زوسكيند تمزج الواقع بالخيال



GMT 22:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 22:06 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 13:01 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

دراسة تكشف فوائد وسلبيات حمية البيض لفقدان الوزن

GMT 19:53 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور وتجنب الأخطار

GMT 16:08 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

صحيفة بريطانية تكشف عن قاتلي الأميرة ديانا

GMT 22:46 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

​طارق لطفي يبدأ تصوير فيلم "122" السبت المقبل

GMT 02:23 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

فلة الجزائرية تكشف أنها ستغني طالما هناك أنفاس في صدرها

GMT 11:45 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

مصر تبدء تسليم أراضي القرعة العلنية في "برج العرب"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq