الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

تسبَّبت في مئات مِن القتلى والجرحى وحرق قرى ومساكن

الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية

الاشتباكات الأهلية
الخرطوم - العراق اليوم

شهدت الأسابيع الماضية العديد من الاشتباكات الأهلية في عدد من مناطق السودان الذي تعيش فيه أكثر من 400 إثنية، وراح ضحية تلك الصراعات المئات من القتلى والجرحى، وحرقت على إثرها قرى ومساكن ومتاجر، مما تسبب في خسائر كبيرة، وهو ما أثار سؤالا مهما حول تلك المشكلات.أثارت الصراعات القبلية التي تفجرت خلال الفترة الأخيرة في مناطق متفرقة في دارفور وكردفان بغرب السودان ومدينتي كسلا وبورتسودان في شرق البلاد قلقا كبيرا في الأوساط السياسية والأمنية والاجتماعية. 

وأدت تلك الصراعات التي تنشب في الظاهر بين قبيلتين، لكنها تحمل في باطنها دوافع أخرى وأدت إلى مقتل وإصابة المئات من المواطنين الأبرياء.
وفي حين شددت الحكومة السودانية على عزمها على التعامل بحزم شديد من أجل وقف النزعات والصراعات القبلية، ووجهت القوات الأمنية بالقيام بدورها كاملا، عبرت عدد من الأحزاب والفعاليات السياسية عن قلقها من المآلات الخطيرة التي قد تنجم عن تلك الصراعات.

واعتبرت فعاليات سياسية أن تجدد المواجهات القبلية لا ينسجم مع شعارات السلمية والحرية والعدالة التي رفعتها ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المعزول عمر البشير الذي كان سببا في تأجيج أسباب تلك الصراعات.

تفعيل التناقضات
يقول الإعلامي محمد عبدالعاطي والمتابع للأحداث التي جرت بين قبيلتين في مدينة كسلا بشرق السودان خلال الأسبوع الماضي، إن بعض فلول النظام السابق وفي محاولتهم لإرباك حكومة الثورة يسعون لتفعيل التناقضات الموجودة في المنطقة لخلق الصراعات القبلية، وتأجيج اوارها بهدف إفشال العملية الانتقالية.
ويشرح عبدالعاطي رؤيته بالقول إن الفعل السياسي متواجد داخل التكوينات القبلية في السودان بفعل التركة التي خلفها النظام السابق من خلال توظيفه للقبيلة في تحقيق الكثير من المكاسب السياسية، وأهمها التجييش للاقتتال في صراعاته الدينية والجهوية وبالتالي فرض آيدلوجيته وسيطرته من خلال توظيف القبيلة والغنيمة في مصلحة السلطة وديمومتها.

ويشير عبدالعاطي إلى أن الكثير من الزعامات القبلية فقدت مصالحها بعد سقوط النظام، وسعت بالتالي إلى تفجير هذه الصراعات في محاولة ضمان استمرار هذه المصالح مع النظام الجديد، وعدم فقدان تلك المكاسب التي كانت متحققة من افتعال الصراعات التي تحلب المال والجاه لبعض تلك الزعامات.وفيما يتعلق بالصراع في كسلا فإنه يتميز بخصوصية تتمثل في أن أحد أطراف الصراع هو قبيلة حدودية وأغلب بطونها نزحت أو دخلت من دولة مجاورة في تدفقات متتالية استمرت منذ منتصف الستينات حتى منتصف الثمانينات.

كان أغلب أفراد تلك القبيلة يسكنون في معسكرات للاجئين، إلا أن نظام المؤتمر الوطني عمل بعد انقلابه على السلطة في 1989 على توظيف تلك القبيلة في الكسب السياسي للانتخابات المزورة أصلا، وبالتالي تم منح الرقم الوطني للكثير من غير مستحقيه مما سبب بعض الرفض من قبل بعض القبائل الأخرى المستوطنة في المنطقة منذ مئات السنين.

ووفقا لعبدالعاطي فإن وجود أفراد هذه القبيلة في أطراف مدينة كسلا مع عدد من القبائل السودانية الأصلية التي نزحت من مناطق النزاعات في كردفان والنيل الأزرق خلال العقدين الأول والثاني من القرن الحالي خلق نوعا من الاحتكاك المباشر الذي غذته حالة التهميش وانعدام الخدمات، وبالتالي كان لابد من وجود تنافس وصراع على مصادر الرزق والعمل مع انعدام الفرص فلجأ البعض للتهريب، مما حقق لهم جني ثروات هائلة منحتهم بعض التميز على جيرانهم مما ساهم في زيادة الغبن الاجتماعي وظهور الاستفزازات القبلية بين الطرفين.

بعد سياسي
بالنسبة للباحث إبراهيم بخيت مكين، فإن البعد السياسي يبدو حاضرا بقوة مع وجود مستفيدين ممن يعرفون بـ ( تجار الحروب ) الذين يسعون لإشعالها ليس فقط لاستثمارها في تحقيق أهداف يمكن أن تكون ذاتية أو جمعية.ويرى مكين أن معظم الصراعات التي تشهدها مناطق مختلفة في السودان لم تكن تحمل صبغة قبلية بحتة بل هي كانت في الأصل ذات طبيعة سياسية نتيجة للاحساس بالظلم والتهميش والاقصاء الذي ظلت ترزح تحته معظم أقاليم.

ويقول مكين في هذا السياق إن التاريخ الممتدد لمئات السنين لم يحدثنا عن أن أي أثنية أو قبيلة حملت رايتها وتحزمت لقتال قبيلة أخري رغما عن حدوث اعتداءات و تفلتات محدودة يتم احتواءها باللقاءات والجوديات في إطار الأحلاف والاعارف التى تحكم العلاقات بين المكونات الاجتماعية والقبلية بالمنطقة.ويشير مكين إلى أن منطقة جنوب كردفان ظلت تتميز بأفضل أنواع التمازج والإخاء والتصاهر. كما أسهمت اتفاقيات وأحلاف بينية لإثنياتها المختلفة في تحقيق تعايش سلمى اجتماعى ساده الاحترام والمودة بين المجتمعات.

قد يهمك ايضا

رئيس "إعادة الانتشار" في الحُديدة يخضع لـ"الحجر الصحي" في صنعاء

نبيه بري ينتقد شروط الحكومة لإعادة اللبنانيين العالقين في بلدان موبوءة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية



GMT 01:25 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار متجددة وراقية لديكورات مداخل حفلات الزفاف

GMT 02:14 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة سيريفوس في سيكلاديز من أفضل جزر اليونان

GMT 21:26 2019 السبت ,10 آب / أغسطس

تعرفي علي مكونتات أغلى عطر في العالم

GMT 21:13 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ناصر الخليفي يضع زين الدين زيدان على رأس قائمة المدربين

GMT 00:38 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

منال سلامة تقدم شخصية شريرة في " عائلة الحاج نعمان "

GMT 19:46 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ختام النسخة 11 لمهرجان منصور بن زايد للخيول العربية الأصيلة

GMT 09:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة هيونداي تعلن طرح سوناتا 2018 بمواصفات مذهلة

GMT 02:53 2017 الثلاثاء ,04 تموز / يوليو

العلماء يخترعون ستائر تخزن الطاقة الشمسية

GMT 13:43 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

"Jacquemus" تكشف عن حقائب صغيرة ليس كالتي نتخيلها

GMT 15:15 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة للاعبي يد النادي الأهلي المصري الدوليين

GMT 21:42 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد كرات الشوكولاتة بجوز الهند والشوفان

GMT 20:06 2016 الأربعاء ,22 حزيران / يونيو

لاعب "الريان" القطري حامد اسماعيل يتعرَّض لحادث سير

GMT 11:12 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

المصمم نجا سعادة من عالم الطبّ إلى تصميم الأزياء
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq